إعلان إداري | خاص بنشر مقالات الدكتور وائل إبراهيم الدسوقي وملخصات مؤلفاته ولا ينشر للغير إلا في حالات استثنائية

Responsive Ads Here

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2025

,

لم ينقطع اهتمام الباحثين بتاريخ مصر قديماً وحديثاً، فقد تناولت الرسائل العلمية والدراسات المتخصصة جوانبها السياسية والاجتماعية والثقافية بالتحليل الدقيق، ومع ذلك تبقى مصر دائماً موضوعاً خصباً للبحث لا تنضب آفاقه، فهي بحق بحرٌ عميق يغري كل غواص بالاقتراب منه، ومحاولة كشف أسراره. وإذا كانت الشخصية المصرية قد استأثرت بعناية كثير من الدارسين، فإنها لم تَسلم من محاولات التفسير القاصرة التي أوقعتها أحياناً في شَرَك التبسيط أو الإجحاف.

لقد عرفت مصر عبر تاريخها الطويل تيارات فكرية متعددة، بعضها أصيل وبعضها وافد من وراء الحدود، خصوصاً منذ أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، حين بدأت الأفكار الغربية تجد طريقها إلى أرض النيل. غير أنّ المصري لم يكن يوماً تابعاً مقلِّداً؛ بل استوعب هذه المؤثرات ومزجها بروحه الشرقية ليصوغ منها فكراً جديداً متفرّداً، على خلاف كثير من الأمم الشرقية الأخرى التي عجزت عن التكيّف أو الاستثمار الخلاق لتلك الأفكار.

وتبرز الماسونية هنا بوصفها واحدة من أكثر الظواهر الفكرية والاجتماعية إثارة للجدل في مصر الحديثة، فقد دخلت البلاد مع الحملة الفرنسية، تحمل أهدافاً سياسية واقتصادية واجتماعية، لتخدم مشروع فرنسا في الشرق وتترجم طموحات الماسونية العالمية إلى واقع ملموس. لكنّها سرعان ما اتخذت في مصر مساراً متشابكاً، إذ امتزجت فيها الرموز الغربية بالتقاليد الشرقية، وانضوت تحت لوائها شخصيات بارزة من مختلف الجنسيات: مصريون ويونانيون، إيطاليون وفرنسيون، بريطانيون وألمان وشوام، اجتمعوا جميعاً في محافلها على اختلاف أصولهم وتوجهاتهم.

وقد عرفت الماسونية في مصر تناقضات لافتة، فهي تارة تساند الحركة الوطنية، وتارة أخرى تتحول إلى أداة تخدم السياسات الغربية وتعمل كطابور خامس. ففي محافلها جلس الوطني إلى جانب المحتل، والمعارض بجوار المؤيد، كما شارك بعض أعضائها في مقاومة الاستعمار بينما انخرط آخرون في خدمة مشاريعه. ولعل هذه التناقضات هي التي أضفت على تاريخ الماسونية ذلك الغموض الذي ما زال يثير آلاف التساؤلات حتى اليوم.

إنّ ما يميز دراسة الماسونية في مصر هو ندرة الوثائق الأصلية وغياب الرؤية العلمية الشاملة التي تجمع بين مختلف أبعادها. فمعظم ما كُتب عنها جاء متأثراً بخطاب ديني رافض، بعيد عن الموضوعية، مما جعل مهمة الباحث محفوفة بالصعاب. لذلك تسعى هذه الدراسة إلى سدّ بعض هذه الفجوة، عبر استعراض نشأة الماسونية في مصر، ومراحل تكوينها، وتوزيع محافلها، وصولاً إلى تأسيس "الشرق الأعظم الماسوني لمصر والسودان" الذي شكّل أداةً بيد النفوذ البريطاني. كما تتناول الدراسة نشاط الماسونية في مجالات السياسة والفكر والفن، وعلاقتها بحركة التعليم والصحافة، فضلاً عن صلاتها بالمحافل الأجنبية وأشكال التمويل والتكريس داخلها.

ورغم محدودية الوثائق، حاولت هذه الدراسة قدر المستطاع إلقاء الضوء على نشاط الماسونية في الفترات الغامضة، ولا سيما خلال الأربعينيات وحتى ثورة يوليو 1952، حين اشتد الهجوم عليها بعد حرب فلسطين. وما هذه الصفحات إلا محاولة جادة لإزاحة الستار عن إحدى الظواهر الأكثر تعقيداً في تاريخ مصر الحديث، علّها تفتح الباب لمزيد من البحث والكشف في المستقبل.

 
* اسم الكتاب: الماسونية والماسون في مصر
** تأليف: د. وائل إبراهيم الدسوقي
** إصدار: دار الكتب والوثائق القومية .. عام 2008 .. 352 صفحة




الاثنين، 5 مايو 2025

,

الكتاب: تاريخ علم المصريات.

تاريخ النشر: 2014 القاهرة.

المؤلف: د. وائل إبراهيم الدسوقي.


تقديم بقلم: أ.د/ أحمد زكريا الشلق .. 

كتب الدكتور "دونالد مالكولم ريد" في كتابه المتفرد "فراعنة من؟ علم الآثار والمتاحف والهوية القومية المصرية من حملة بونابرت حتى الحرب العالمية الأولى" منبها إلى أن المؤرخين المصريين المعاصرين قد ارتضوا أن يتركوا تاريخ علم الآثار للآثاريين ولهواة الكتابة من غير المتخصصين، مما أدى إلى نقص في دراسة علم الآثار، فبالرغم من أن كتابة الآثاريين فيه مطلوبة، إلا أن مؤرخي مصر الحديثة أقدر على وضع تطور ذلك العلم في سياق تاريخ مصر الحديث..

الجمعة، 13 أكتوبر 2023

,


 د. وائل إبراهيم الدسوقي.. 

عرف عهد "الخديو إسماعيل" بالعظمة والبؤس في مجالي السياسة والمجتمع في الوقت نفسه، بالضبط كما حدث في عهد "محمد علي باشا"، فمنذ توليه حكم مصر في 18 يناير سنة 1863، كان وحده يملك ناصية الأمور في البلاد، وقد عمل على إظهار مصر بمظهر العظمة، فأعاد تشكيل العاصمة من جديد، بتطوير بنيتها التحتية، وشيد الأبنية الحديثة والحدائق والمؤسسات الثقافية، فضلا عن تطوير المنظومة الحكومية وتخصيص مبان جديدة لها، ومن المعروف أن السنوات الأولى لحكمه هي الفترة المضيئة في عهده، ثم بدأت الإخفاقات السياسة والمالية، والارتباك الإداري والاجتماعي، وتفشي الفساد، حتى أصبحت سنة 1879، آخر سنوات حكمه، وذروة معاناة الشعب وبؤسه.

,

 

د. وائل إبراهيم الدسوقي..

في الحقيقة مع كل قراءة لعمل من أعمال سمو الشيخ "سلطان بن محمد القاسمي" حاكم إمارة الشارقة عضو المجلس الأعلى للاتحاد حفظه الله، يحتار المرء في تصنيفه، وهل هو مؤرخ لأحداث؟ أم باحث في التاريخ؟ أم محقق؟ فمن الصعب أن يجمع أحدهم الوظائف الثلاثة في كتابة التاريخ إلا نادرا.

الثلاثاء، 18 أبريل 2023

,


 د. وائل إبراهيم الدسوقي ..

على نحو مفاجئ قررت بريطانيا الانسحاب من ساحل الخليج العربي عام 1968، بجدول زمني تقرر أن ينتهي في عام 1971. كانت دوافع اتخاذ هذا القرار عديدة، من أبرزها التزايد الواضح للوجود الأمريكي بالخليج، والذي اتبع سياسة الباب المفتوح فيما يتعلق بمناطق النفط، كذلك تنامي الوعي القومي بين أبناء الخليج العربي، بالإضافة إلى النشاط السوفيتي، وتدهور اقتصاد بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى ضوء تلك المستجدات تقرر الدعوة إلى تأسيس اتحاد خليجي بقيادة كل من المغفور لهما أصحاب السمو، شيخ أبوظبي "زايد بن سلطان آل نهيان"، وشيخ دبي "راشد بن سعيد آل مكتوم". وكان لابد أن يضمنا موقف العالم من حولهما تجاه الاتحاد الجديد، وأصبحت بريطانيا من ضمن القوى التي نظرا إليها باهتمام، فتعددت زياراتهما لها في عام 1969، فكانت أولى الزيارات التي جمعتهما بملكة بريطانيا "إليزابيث الثانية" في شهر يوليو، وكان يصحبهما في تلك الجولة سمو الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم". وقد قامت الملكة باستقبالهم في قصر بكنجهام العريق كضيوف من أصحاب المقام الرفيع، ثم توالت فيما بعد زيارات الشيخ راشد خلال الفترة التي عاصرت مباحثات تأسيس الدولة.

السبت، 18 مارس 2023

,

د. وائل إبراهيم الدسوقي..

تناولت الأساطير الإفريقية قصة خلق الأرض والإنسان، وكيف ترك الله العالم وابتعد عنه بسبب خطيئة البشر. هذه الأفكار جرى تداولها بروايات شفاهية، لأن الكتابة لم تكن معروفة كثيرا لدى القبائل الإفريقية القديمة. فحفظت في أعماق أجيال وأجيال حتى تم تسجيلها في النهاية.

الأربعاء، 15 مارس 2023

,

د. وائل إبراهيم الدسوقي..

كان الكاتب الراحل "عبد الحكيم قاسم" يطلق على القاهرة اسم "أم اليتامى". لم يقصد من هذا التعبير فقدان الأهل، لكنه جاء كدلالة على أن رحيل الكاتب من بيئته الأصلية إلى القاهرة يجعله يتيما، فيحن دوما إلى الكتابة عن بيئته وتجربته الإنسانية فيها، فيقدم لونا يعبر عن رافد رئيسي يقوم بتغذية الأدب بواقع بيئته الثري برقعته العريضة المتناقضة والمتفاعلة. وعلى حد قول الكاتب والناقد "أحمد عبد الرازق" في إحدى مقالاته بمجلة "إبداع" في مطلع تسعينيات القرن الفائت، أننا يمكننا أن نتذوق طعم الماء المالح في عمل يكتبه أديب كان يعيش في مدينة ساحلية.