
اسم الكتاب: التاريخ الثقافي لمصر الحديثة.
تاريخ النشر: 2011 - دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة.
اسم المؤلف: د. وائل إبراهيم الدسوقي.
عرض: أ. نهال خلف عبد العظيم الميري *
تاريخ النشر: 2011 - دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة.
اسم المؤلف: د. وائل إبراهيم الدسوقي.
عرض: أ. نهال خلف عبد العظيم الميري *
تعمر المكتبة التاريخية بالكثير من الدراسات التى تناولت التاريخ السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وقليلة تلك الدراسات التى تتناول التاريخ الفكرى والثقافى، ومن هنا تأتى أهمية هذه الدراسة التى تسد نقصا ملحوظا فى هذه الجوانب والمعنونة "التاريخ الثقافى لمصر الحديثة؛ المؤسسات العلمية والثقافية في مصر في القرن التاسع عشر"، وخاصة أنها تتناول فى تأريخها القرن التاسع عشر، وهو الذى يُشار له بأنه عصر الإكتشافات الأثرية والتفاعلات الثقافية، ودخول المطبعة بإعتبارها بناءً مؤسسيا فى عالم الفكروالثقافة.
ومما يزيد من قيمتها أنها دراسة علمية رصينة كانت فى الأصل رسالة أكاديمية نال صاحبها الباحث وائل ابراهيم الدسوقي درجة الدكتوراة بمرتبة الشرف الأولي تحت إشراف أ.د.أحمد زكريا الشلق، وأوصت لجنة المناقشة بنشرها وتبادلها مع الجامعات الأخرى، وبها قائمة مرجعية كبيرة ومتنوعة المصادر والمراجع فى عديد من اللغات، ومن ثم يُحسب لسلسلة مصر النهضة أخذها زمام المبادرة ونشرها فى عددها رقم 87، ويقع الكتاب في 409 صفحة.
انتهج د.وائل الدسوقى المنهج التاريخى التحليلي الذى اعتمد فيه على الوثائق والدراسات الأثرية والمخلفات الحضارية، التى كانت محتوى ونتاج ذلك القرن، واتبع فى دراسته ـ عبر فصول خمس ـ التصنيف الموضوعى، فقد تناول فى الفصل الأول المؤسسات العلمية والثقافية ذات الرعاية الحكومية، وفى الفصل الثانى تناول الجمعيات الثقافية والعلمية الأهلية العامة ،أما الفصل الثالث فقد تناول فيه الجمعيات الثقافية الأهلية ذات الطابع الدينى، أما الفصل الرابع فقد تناول مؤسسات الآثار التاريخية،ثم اختتم بتناول المطبعة وتاريخ حركة النشر فى الفصل الأخير، وقد حاول ان تكون موضوعات البحث مترابطة، مع كونها دراسات متفرقة لمؤسسات مختلفة.
وعل سبيل المثال فقد ميز في الفصلين الأولبين بين"المؤسسات العلمية والثقافية ذات الرعاية الحكومية "و"الجمعيات الثقافية والعلمية الأهلية العامة"، ويعني بالمؤسسات العلمية هى تلك المؤسسات غير التعليمية كمدارس التعليم العام والمدارس العليا والأزهر والجمعية الجغرافية الخديوية، وكذلك الجمعيات الأهلية والمقصود بها الجمعيات والهيئات ذات الطابع الأهلي أي التي أقامها المجتمع المدني سواء كانت جمعيات مصرية أو أجنبية أو حتي مختلطة، فقد عرفت مصر كل أنواع المؤسسات الثقافية والعلمية بشقيها الحكومي الرسمي والشعبي المستقل منذ عهد محمد علي فأنشات الحكومات مؤسسات تحمي ثرواتها كالمتاحف ودور حفظ الكتب: كالرصدخانة والمجمع العلمي المصري"، وحتي الفنون المسرحية الراقية ودار الأوبرا المصرية. وكمثال لهذه التنوعات المتداخلة مثلا تناوله للجمعيات الثقافية الأهلية ذات الطابع الديني سواء كانت مسيحية أو إسلامية أو يهودية، خيرية كانت ثقافية أو أجتماعية.
ومما يلفت النظر تلك الرؤى التى انتهى إليها الباحث، وفى بعض جوانبها ما يدحض رؤى أخرى مغايرة ؛ ومنها أن الإصلاح الذى عرفته مصر فى القرن التاسع عشر، لم يكن ظاهرة غير مسبوقة ولا حدثا استثنائيا، بل كان مرحلة زمنية غنية ومتميزة فى سياق التطور الاجتماعى والثقافى للفكر المصرى، وأن رجال الإصلاح؛ على الرغم من ايمانهم العميق بضرورة الإنفتاح على التطورات الحديثة، إلا أنهم كانوا يبحثون عن طريقة ما لربط نشاطهم الفكرى والاجتماعى بجهود وأفكار علماء كبار عاصروهم فى بلدان أخرى.
وبناءً على ذلك يرى الدسوقى؛ حرص رواد الحركة الإصلاحية فى مصر فى عصر محمد على على التواصل مع كل التيارات الفكرية التى كانت تمد مصر بأسباب البقــاء والنمــاء فى كل مراحلها التاريخية، وقد حرصوا بشكل خاص على اثبات تواصلهم مع العلماء فى كافة المجالات، ولذا قاموا بحركة ترجمة واسعة النطاق لأعمــال العلماء الأجانب فى شتى العصور، وهو ما تآلفت فيه كافة المؤسسات العلمــية والثقافية فى القرن التاسع عشر.
وفيما يؤكد على رصانة الدراسة، أن العمق التحليلى كان هو السمة السائدة بطيلة فصول الدراسة وقد اختتمها بتناول "المطبعة وتاريخ حركة النشر" وحاول من خلاله أن يثبت أهمية المطبعة كمؤسسة ثقافية، فتناول نشأة المطابع والطباعة وصناعة الكتاب ودور المطابع الحكومية والأهلية، وكذلك المطابع الأجنبية في نشر الكتب والمؤلفات العلمية والثقافية بشكل عام واعتبروا هذا من أولويات أعمالهم، ومما لاشك فيه أن هذه الدراسة تفتح آفاقا جديدة أمام الباحثين فى الجوانب الثقافية وتسد نقصا ملحوظا فى المكتبة التاريخية..
* نشر في مجلة مصر الحديثة، عدد 12، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة 2013
* نشر في مجلة مصر الحديثة، عدد 12، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة 2013
