Responsive Ads Here

الاثنين، 28 مارس 2016

الأسد الحلو: غنوة فرح في أشعار ميسرة صلاح الدين


بقلم: د. وائل إبراهيم الدسوقي .. 

انتهيت مؤخرا من قراءة ديوان "الأسد الحلو" للشاعر السكندري "ميسرة صلاح الدين"، وهو أحد شعراء مصر الواعدين، الذي يستخدم طريقة جديدة في الشعر تتميز بالرمزية والصدق والتعبير اللفظي المميز والمباشرة أحيانا، بالإضافة إلى حالة ثورية متمردة متأججة، تندفع إلى العقل والوجدان اندفاعا مع كل قصيدة تقرأها.
لن أقف عند قصائد الديوان وأقوم بتحليلها ونقدها، فقد حظي هذا العمل باهتمام جم من النقاد والمهتمين، إلا أنني سأتوقف عند نقاط معينة لفتت انتباهي أثناء القراءة، فهو عمل محترف بداية من غلافه مرورا بتعبيراته وترتيب قصائده ودلالاته.
قديما كانوا يقولون أن التجربة الإنسانية لدى الشاعر تستقطب تجارب الآخرين وتكتشفها، ومن ثم تعرضها للناس على صورة الكلمة. وعلى الرغم من أن معظم الشعراء قد حاولوا تطوير طريقتهم في التعبير، إلا أن بعضهم لا يزال يجهل تطورية الشعر وطريقة الابتكار فيه. فحتى وقت قريب كان شعراء العرب يكتبون بطرق قديمة تفترض في الشاعر قبل كل شيء أن يكون واعظا، وكانت الكلمة في الشعر محكومة بقواعد ثابتة لا مفر منها، إلا أن الجيل الجديد من الشعراء ومنهم "ميسرة" كسروا تلك القواعد وابتكروا طرقا جديدة في تناول الكلمة الشعرية وطريقة نظمها. وأصبح الشاعر الرديء يسقط في الفخ بسهولة، حينما يعطينا الخطابة المباشرة بدلا من الشعر، فالشاعر الجيد يتناسى أنه يكتب شعرا، فيعطينا التجربة والدلالة بطريقة رمزية دقيقة.
وميسرة صلاح الدين منحنا في ديوانه تلك التجربة الصادقة التي اهتمت بقضايا الوجدان الإنساني بطريقته الثورية التي جاءت انعكاسا لحالة مجتمع كامل يتغير سريعا على كافة الأصعدة، فيثير في عواطفنا الحماسة التي قد تدوم وقتا طويلا.
وديوان الأسد الحلو الذي صدر عن دار العلوم للنشر والتوزيع في الشهور الأولى من عام 2015، يمتلك وضوح الرؤيا ويعكس الحالة الثورية لدى ميسرة بشكل واعي وهادف وصادق. وقد حفل بقصائد وفيرة مكتوبة بعامية محترمة فصيحة، كنت أتخوف في البداية من القراءة بها، إلا ان ميسرة أزاح أستار الخوف من أول قصيدة، وجعلنى أقرأ العامية وأتفكر فيها.
ومن أكثر الأمور اللافتة للنظر في الديوان أن ميسرة يقدم صورة غير معتادة عند الحديث عن المرأة، فهي أنثى قوية مختلفة عن المرأة الجسد في الشعر العربي القديم. فيحثها على التمرد وكسر كافة الثوابت، ويكتب أبسط تفاصيل معاناتها في مجتمعنا، والتي هي في حقيقتها الأكثر تعقيدا، ولكن بتعبيرات سهلة، فيكسر الصورة النمطية التي تعودنا عليها.
وفي المجمل، فإن أعمال "ميسرة صلاح الدين" يتضح فيها أنه شاعر موهوب اصطلحت عليه أعاصير الحياة، وانحطت عليه الآلام، وخلق للشعر لغة جديدة، فقدم لنا قصائد ومسرحيات تبعث بالألم والأمل والفرحة.

* نشر المقال تحت عنوان "ديوان الأسد الحلو: غنوة فرح في أشعار ميسرة صلاح الدين" في بوابة روز اليوسف، 4 يناير 2016