بقلم: د. وائل إبراهيم الدسوقي ..
لوحة زيتية (246 × 297 سم) للفنان "بول دولاروش" Paul Delaroche أشهر رسامي فرنسا في أوائل القرن التاسع عشر، رسمها في عام 1833. محفوظة في (ناشيونال جاليري)، الذي يطل على ميدان "ترافلجر" بقلب لندن، تمثل فتاة ذات سبعة عشر ربيعا معصوبة العينين، وتستعد لوضع رأسها على منصة الإعدام لقطعها، وفي الجهة اليسرى من اللوحة تنتحب سيدتان. أما الجلاد فيقف على اليمين ممسكا ببلطة الإعدام، يشاهد ما يحدث دون أن يتأثر أمام وجه ملائكي ينتظر الموت ببراءة وكبرياء.

إنها لوحة "إعدام الليدي جين جراي" The Execution of Lady Jane Grey ، التي تمثل لحظات أخيرة عاشتها ملكة الأيام التسعة شقيقة الملك "هنري الثامن"، ويعود نسبها إلى جدتها "ماري تيدور" (*) Mary Tudor ملكة فرنسا، والتي كانت كاثوليكية متعصبة، في فترة كانت تشهد صراعا طائفيا شديدا بين الكاثوليك والبروتستانت.
وقصتها تبدأ منذ السادس من يوليو عام 1553م، حينما تم إقناع الملك الصغير "إدوارد السادس" Edward VI الذي لم يكن يتعد الخمسة عشرة عاما، وهو على فراش الموت، بتوريث العرش إلى "جين جراي"، حتى يستمر العرش الإنجليزي في أيدي البروتستانت.
وصُدمت "جين عندما سمعت خبر توليها العرش، وأنها أصبحت ملكة إنجلترا، ورفضت ذلك بشدة، إلا أن دوق "نورثمبرلند" Duke of Northumberland - صاحب النفوذ الكبير في البلاط الملكي - أجبرها على القبول والزواج من ابنه، ليضمن خلافة بروتستانتية خالصة للعرش الملكي.
كان هناك عوامل أخرى تسببت في قبولها العرش، وهو إلحاح والديها ورغبتها في إصلاح أحوال البلاد، وإصلاح الاقتصاد الإنجليزي المتردي آنذاك، وإعادة أراضي الفلاحين المغتصبة منذ عهد الملك "هنري الثامن".
وفي خلال اليوم الأول والثاني من فترة حكم "جين جراي" لإنجلترا، استطاعت جدتها "ماري تودور" لم شمل قواتها الكاثوليكية من جديد، وبعد أيام قليلة من تولي جين للعرش الإنجليزي، اقتحمت قوات "ماري تودور" القصر واعتقلتها، ووضعت في السجن المخصص لها في برج لندن، وفكرت الملكة الكاثوليكية "ماري تودور" في الحفاظ على حياة تلك الطفلة الصغيرة ذات السبعة عشر ربيعا، وخيرتها بين الارتداد عن مذهبها واعتناق الكاثوليكية مذهبا لمسيحيتها أو الموت، فرفضت جين وزوجها الخضوع لرغبات "ماري"، وبالطبع شعرت الأخيرة أن "جين جراي" هي خطر حقيقي على العرش الإنجليزي الذي أصبحت تمتلكه، ويجب إزالته وتقرر إعدامها.
أعدمت الليدي "جراي" في عام 1554، مع زوجها ووالداها، بعد تسعة أيام من استلامها للتاج البريطاني، لتكون أقصر فترة حكم لملكة فى تاريخ إنجلترا (من 10 إلى 19 يوليو 1553م). ويقال أن زوجها أعدم أولا أمامها، فلم تهتز وتقبلت قدرها بشجاعة وثبات، وواجهت الموت بكل كبرياء، ولعل "دولاروش" حاول إظهار ذلك في تصويره للحظات الليدي "جراي" الأخيرة.
هامش:
(*) "ماري تودور" هي الابنة الكبرى للملك "هنري الثامن" وزوجته الأولى "كاترين أرجون"، عاشت مع أمها تسعة سنوات حتى عشق والدها "آن بولين"، وطلق أمها من أجلها وتزوجها، من ثم لم ترى أمها مجددا، حيث كانت "ماري" الشقيقة الحنونة العاطفية حيث أحسنت زوجة أبيها الثانية "آن بولين" معاملتها كفتاة وحيدة حتى أنجبت شقيقتها الليدي "إليزابيث الأولى"، التي اعتنت بها "ماري" بعد إعدام زوجة أبيها ظلما، وعند قدوم أخيها الثاني "إدوارد" أصبحت تبلغ السادس عشر، وتوفي والدها بشبابها عندما كانت بالخامسة والعشرون، وحكم شقيقها خمسة سنوات بلغت فيها الثلاثون، وغضبت عندما أوصى شقيقها وهو على فراش الموت بالعرش إلى الليدي "جين جراي" البروتستانتية، من ثم أعدمتها بعد تسعة أيام من توليها العرش، وتولت الحكم بعمرها الثلاثون وتزوجها الملك "فيليب الثاني". وفي فترة حكمها شبت ثورات من قبل إسبانيا وكانت قد أنجبت ابنة وحيدة اسمها إيزابيلا، وحينما كبرت "ماري" في السن أجبرت على الطلاق، وقد عرفت بالملكة الدموية لإعدام آلاف الأشخاص في عهدها.
هامش:
(*) "ماري تودور" هي الابنة الكبرى للملك "هنري الثامن" وزوجته الأولى "كاترين أرجون"، عاشت مع أمها تسعة سنوات حتى عشق والدها "آن بولين"، وطلق أمها من أجلها وتزوجها، من ثم لم ترى أمها مجددا، حيث كانت "ماري" الشقيقة الحنونة العاطفية حيث أحسنت زوجة أبيها الثانية "آن بولين" معاملتها كفتاة وحيدة حتى أنجبت شقيقتها الليدي "إليزابيث الأولى"، التي اعتنت بها "ماري" بعد إعدام زوجة أبيها ظلما، وعند قدوم أخيها الثاني "إدوارد" أصبحت تبلغ السادس عشر، وتوفي والدها بشبابها عندما كانت بالخامسة والعشرون، وحكم شقيقها خمسة سنوات بلغت فيها الثلاثون، وغضبت عندما أوصى شقيقها وهو على فراش الموت بالعرش إلى الليدي "جين جراي" البروتستانتية، من ثم أعدمتها بعد تسعة أيام من توليها العرش، وتولت الحكم بعمرها الثلاثون وتزوجها الملك "فيليب الثاني". وفي فترة حكمها شبت ثورات من قبل إسبانيا وكانت قد أنجبت ابنة وحيدة اسمها إيزابيلا، وحينما كبرت "ماري" في السن أجبرت على الطلاق، وقد عرفت بالملكة الدموية لإعدام آلاف الأشخاص في عهدها.
رفض زوجها السابق "فيليب الثاني" وصاية العرش لابنته الصغيرة، فآل عرش إنجلترا إلى شقيقة "ماري" الصغرى البروتستنتية "إليزابيث الأولى" بعد وفاتها.