Responsive Ads Here

السبت، 16 أبريل 2016

حقيقة بلا مسعى وصراع الذات الإنسانية في شعر أحمد خالد

بقلم: د. وائل إبراهيم الدسوقي .. 

بروح طفولية بريئة يتنقل "أحمد خالد" بين قصائد ديوانه الجديد "حقيقة بلا مسعى" الصادر مؤخرا عن دار تشكيل للنشر والتوزيع، في محاولة منه بذل قصارى همته للوصول إلى الحقيقة بعقل رجل بالغ وطريقة طفل حالم وقلب ناسك محب..
هذا العمل الجديد تتصارع فيه ذات الشاعر، التي يستمد منها قوة تندفع بها كلماته تعبر عن مشاعره بلا هوادة في رحلة الوصول إلى حقيقة ترك خيالاته تصل به إليها دون مسعى (وأتخلى عن أبداني/ ستهجرني لذاتي/ سأصير.. سر ذاتي/ حقيقة بلا مسعى)، وقد تحرى السبيل إلى النجاة من طوفان الحياة، والاستفادة من جوهرة وجودنا التي لا يتسنى لنا درك قدرتها إلا بعد خسارة وحسرة.
بين خمسة وستين قصيدة، نذكر منها (تداعت، مولاكم، يخربشني، رغبة، منفلت، بائع المذاق، بدون فرح، كما في الأفلام، أو كغريق، دببة وحشية، كرسي هزاز، جمرة نار، ظمأ آجل، خوف غائب، أحزان كافية، هدف وحيد، حياة متسعة، اختطاف ملاك، التي اسمها مريم، وغيرها...) شعرنا بالدعوة الملحة والمستمرة إلى نشر المحبة بقلم شاعر ناسك محب، هي محبة الخالق لخلقه (لماذا يا ربي.. أخذتني إلى حبك فجأة) ومحبة المخلوق للخالق وعشق البشر بعضهم ببعض (لماذا جعلتني أحبك.. يوم أحببت محبوبتي)، وكذلك الدعوة إلى التمسك بالحب وعدم استبداله بأوهام (أنا.. مولاكم العاشق/ لا تستبدلوا امرأة بحبيبة/ فالمصباح.. ليس شمسا/ والحب.. ليس تجارب)، ففي شعر "خالد" نجد الرأفة والرحمة والإخلاص يعبرون عن قيمة المحبة التي لا تتعلق بالوجدان وحده، بل وبالعاطفة والإرادة والعقل والعمل.
وتنطبق على قصائد الديوان مقولة "أنسي الحاج"، فهي: "وحدة متماسكة لا شقوق بين أضلاعها، وتأثيرها يقع ككل لا كأجزاء"، ولو استعرنا رأي "سوزان بيرنار" في قصائد النثر وطبقناه على "خالد" فإن ديوانه في مجمله نثر إيقاعي مكتوب بشعرية رهيفة، وروح متمردة.
كيف أواجه حزنك الخبيئ .. ؟
استراحة.. خدك على روحي..
لا تكفي..
أعرف خوفك الهائل..
وكبريائك المتسامح.. المتحدي..
بأحزان لا تستحي
حتى وأنت تنامين على صوتي..
أريدك طيبة وبخير..
أريدك سعيدة..
وضاحكة.. وآمنة..
تسري حياتك حتى في خطوط يدي...

عمل إبداعي رائع كتبه شاعر بقلب ناسك محب فياض في مشاعره، تبرز إنسانيته بما حمل في مسلكه الكثير من وعي الحياة، منتبها بحسه المرهف وعبر تجربته الإبداعية وباحترافية إلى الكتابة بأسلوب جديد ومغاير، تمسك فيه بتقاليد الشعر الصلبة ولكن بمرونة التحديث، حتى تحول الديوان إلى مجموعة من التراتيل والمعزوفات الرائعة.. فنجد أن كلماته في كل قصيدة من قصائده قد أخذت بعدا جماليا وتأمليا يحتاج إلى إعادة النظر والقراءة أكثر من مرة، وهو بذلك يعطي ثراء في مجال الرؤية والشكل والمضمون، ويتيح لنا أن ننطلق إلى خيال أرحب وأكبر دون رتابة.