Responsive Ads Here

السبت، 26 مارس 2016

حركة جند السماء، أشباح السماء وقاضيها



بقلم: د. وائل إبراهيم الدسوقي .. 

صدر مؤخرا عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة كتاب (حركة جند السماء) للعراقي "زهير كاظم عبود"، وترجع أهمية الكتاب إلى محاولته كشف الحقائق من مصادرها، وإماطة اللثام عن أسرار كان يراد لها أن تندثر، في قضية شغلت المجتمع العراقي لفترة طويلة، ودخلت ضمن تفاصيل أحداث التاريخ العراقي الحديث، وهي قضية "جند السماء" أو ما تسمى بواقعة (الزركة).
تلك الحركة التي استمرت منذ عام 1969 وحتى عام 2007، وادعى قائدهم المثير للجدل بأنه المهدي المنتظر في العراق في نهاية 2006. وتم القضاء عليه وعلى معظم اعضائه تنظيمه عن طريق القوات العراقية في نهاية يناير 2007 قبل يوم من تنفيذه مخططه بقتل المراجع الشيعية والسيطرة على حوزتهم.
ويذكر المؤلف أن "حركة جند السماء" تنظيم يعتمد الدين كقاعدة في النظرية والعمل، ويعود اسمها إلى كتاب أصدره "ضياء الكرعاوي" بعنوان (قاضي السماء)، والغريب أن هذه الحركة مجهولة النشأة، فلا نعرف تحديدا متى بدأت وكيفية البداية، واختيار القائد والأتباع، وطرق تمددها على الأرض، ومصادر تسليحها وتمويلها، كذلك يحتار المدقق فيها حينما يحاول تتبع علاقاتها السياسية والدينية، وهل ما يشاع عنها صحيح أم أنها شائعات نتجت عن غموض الحركة.
يتضمن الكتاب بعض التفاصيل التي اعتمدت على البيانات والدلائل والوثائق المعززة باعترافات من بقي حيا من أعضاء التنظيم، وثبات هؤلاء الأعضاء في القتال والتصدي لمواجهة القوات العسكرية المسلحة، وتفاصيل قضية الاعتقاد بحقيقة قدرات زعيم التنظيم، والإيمان العميق بما تمليه العلاقة الروحية والنفسية بين الشخص وبين القائد أو الزعيم، وصولاً إلى الإيمان المطلق بقضية جند السماء، واعترافات من وقع أسيرًا في المعركة.
حاول المؤلف إزاحة اللثام عن قصص عديدة، رفع الستائر عنها وخاصة أن القضاء أصدر فيها أحكاما اكتسبت الدرجة القطعية، وأصبحت باتة، فنال من بقي حيا من رجال هذه الحركة عقابه الذي يستحقه عن ارتكابه أفعال جرمية، وتم الإفراج عن الأبرياء الذين لم تتوفر الأدلة ضدهم، أو ممن لم تكف الأدلة لإدانتهم، ومات زعيم التنظيم مقتولا، تاركا خلفه زوجة وأطفال ربما لا يدركون أسباب مقتله ورحيله، ولا يعرفون حقيقة الزعم الذي جاهر به، كما أفرجت المحكمة عن أعداد ليست قليلة من بين المتهمين المغرر بهم أو السذج أو من الذين لم تظهر منهم مقاومة وذهلوا من الواقعة وما تلاها من أحداث.
تأكدت المحاكم من كافة الحقائق بعد أن استعانت بأدلة كثيرة، بعد أن تولت هيئة قضائية محايدة التحقيقات، تشكلت من ثلاثة قضاة يعملون في محكمة التحقيق بمدينة النجف الأشرف، تمت تسميتهم لهذه المهمة حسب قرار رئاسة محكمة استئناف النجف الاتحادية، دليلاً على أهمية التحقيق في تلك القضية، واعتمد المؤلف على التحليل والاستنتاج في معالجة القصص واستخلاص القرائن، في محاولة لإلقاء الضوء على حقائق التنظيم والحركة المسلحة لجند السماء خدمة للحقيقة، واعتمادا على الأدلة والقرائن والثوابت التي تم استخراجها من التحقيقات.