
بقلم: د. وائل إبراهيم الدسوقي ..
مسألة محاكمة المدنيين عسكريا:
النص جاء في المادة 204 ص 52 بهذه الطريقة: "القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة. ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم. ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى. وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية".
المشكلة الأساسية التي تواجهنا في هذه المادة هي طريقة التطبيق المستندة إلى خلل فى الآليات.. بمعنى إن المشكلة الأساسية في القضاء العسكري هي أن الأحكام الصادرة من أية محكمة عسكرية لا تعتبر نافذة إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية أو من يفوضه.. ويجوز للضابط الذى أُعطيت له هذه السلطة فى الأصل من رئيس الجمهورية أن يفوض من يرى من الضباط سلطة التصديق على أحكام هذه المحاكم بموجب نص المادة 97 من نفس القانون، ومن البديهى أن التصديق على تلك الأحكام يعطى لرئيس الجمهورية أو من يفوضه سلطة تخفيف العقوبة أو إلغائها أو إلغاء الحكم من الأساس.. مع العلم بأن المادة الأولى من قانون القضاء العسكرى تنص على استقلالية القضاء العسكري.. أي استقلال هذا بوجود المادة 97 من نفس القانون؟؟!!
وبنفس القانون ليس من حق المتهم أن يدعى مدنيا أمام المحكمة العسكرية ضد المتهم أو الجانى وما يستتبعه ذلك من تمكينه من متابعة القضية وإجراءاتها والوقوف على كيفية سيرها.. هنا يوجد الخلل.. القضاء العسكرى فى مصر يفتقر لنقاط مهمة ومليء بالمشاكل.. ولن تحل إلا ببعض الإجراءات نتمنى من القيادة العليا للقوات المسلحة إلغاء سلطة التصديق على الحكم - تغيير القانون العسكرى بحيث يشمل جميع درجات التقاضى من حكم أول درجة واستئناف ونقض وطعن - أحقية الادعاء بالحق المدنى - بحيث يكون نسخة من القضاء المدنى ولكن بشكل عسكري يختص بشئون الجيش ومن يحتك به أثناء مهام قتالية..
مسألة الطعون على نتائج الانتخابات أمام المحكمة الإدارية العليا..
نصت المادة 210 ص 54 على الآتي: "... وتختص المحكمة الادارية العليا بالفصل في الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها، ويكون الطعن على انتخابات المحليات أمام محكمة القضاء الاداري. ويحدد القانون مواعيد الطعن على هذه القرارات على أن يتم الفصل فيه بحكم نهائى خلال عشرة أيام من تاريخ قيد الطعن".
الإشكالية ترتبط بطبيعة المبدأ الدستوري الذي لا يجوز فيه الخلط بالقانون.. وتحديد المدة فيه ليس لها ضرورة فترك تحديد المدة للقانون كان أفضل .. وبالتالي فالمقصود هو التحصين وليس التقنين.
تحصين منصب وزير الدفاع..
نصت المادة 234 ص 60 على الآتي: "يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسرى أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور".
البعض هنا يرى أنها ليست بتحصين وأنها مادة انتقالية بسبب الحالة الأمنية المتردية في البلاد.. ولكن لو نظرنا إلى المادة بتمعن سنجد أنها تعطى لوزير الدفاع سلطة أكبر من سلطة رئيس الدولة وتتعارض مع تعريف رئيس الدولة في المادة 139 ص 36 (رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورئيس السلطة التنفيذية).. وبطبيعة الحال فإن وزير الدفاع وزير تنفيذي بحكم مهام منصبه.. فكيف لا يستطيع الرئيس عزله إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لو مارس الوزير سلطة تتعارض والسياسة العليا للدولة مستندا إلى قوته..
آليات حل البرلمان..
نصت المادة 137 ص 36 على الآتي: "لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذى حل من أجله المجلس السابق. ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس، وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يومًا على الأكثر، فإذا وافق المشاركون فى الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل، ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ صدور القرار. ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإعلان النتيجة النهائية".
وهناك رأي قانوني واضح في هذه المسألة يتعلق بسلطة رئيس الجمهورية وأحقيته فى حل البرلمان بعد استفتاء الشعب.. ففى حالة رفض الشعب حل البرلمان فإنه لا يترتب على ذلك استقالة الرئيس.. رغم أن المادة 161 ص 41 اعتبرت البرلمان منحلا إذا اقترح سحب الثقة من رئيس الجمهورية ولم يوافق الشعب على ذلك فى الاستفتاء.. فالرئيس يقترح حل البرلمان دون خطورة على منصبه.. أما البرلمان فإن اقتراحه سحب الثقة من الرئيس يعرضه للحل فى حالة رفض الشعب.. الأمر الذي يجعل الأمر متعارضا ولا يحقق نوع من التوازن المطلوب بين سلطة رئيس الجمهورية وسلطة البرلمان..
مسألة تعين الرئيس لأعضاء غير منتخبين في البرلمان..
نصت المادة 102 ص 29 على أنه:"... يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب لا يزيد على 5% ويحدد القانون كيفية ترشيحهم" وبحكم أن نفس المادة حددت عدد الأعضاء بـ 450 عضوا فإن النسبة التي قررتها المادة للتعينات بدون انتخاب يمكن أن تثير شبهة قانونية (تعارض المصالح) فمن الممكن ان يستخدمهم الرئيس في حصوله على النصاب القانونى لعدد الأعضاء اللازمين لتمرير ترشحه لفترة ثانية.. او كما قال البعض أنه يمكن ان يمرر بهم مرشح آخر بعد انتهاء الفترتين الرئاسيتين الخاصة به.. فهى نسبة ليست بالقليلة بالنسبة لعدد الأعضاء..
حرية الإبداع..
ونصت المادة 67 ص 21 على أن: "حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك.. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد القانون عقوباتها.. وللمحكمة في هذه الأحوال إلزام المحكوم عليه بتعويض جزائي للمضرور من الجريمة، إضافة إلى التعويضات الأصلية المستحقة له عما لحقه من أضرار منها، وذلك كله وفقاً للقانون".
وفي هذه المادة الدستورة نجد خلطة ملحوظة بين المادة الدستورية والقانون.. وفيها إطلاق يد واضحة في التعدي على حرية المبدعين باسم رقابة الأفراد على الأعمال الفنية والإبداعية المختلفة.. والتفسير الوحيد لذلك هو محاولة إرضاء فصيل بعينه حتى يتم تمرير الدستور كاملا دون اعتراضه..
العزل السياسي..
بعد أن نصت مسودة الدستور الأولى قبل التصويت عليها في لجنة الخمسين على عزل قيادات الحزب الوطني المنحل سياسيا لمدة لا تقل عن 10 سنوات.. تم حذفها بدون إبداء أي أسباب لذلك في الصورة النهائية لمشروع دستور مصر.. وقد يكون ذلك بسبب قصورها على فصيل واحد أضر بمصر دون الإخوان المسلمين وغيرهم.. واعترض البعض على ذلك.. أو قد يكون للمسألة بعد آخر.. فما بين الموافقة والرفض وجهات نظر متعددة ومتباينة..
أما المميزات العامة للدستور فقد فصلها لنا القاضي "أحمد أبو شوشة" في عدة نقاط:
مادة 180.. ألغت مجلس الشورى ونسبة الـ 50% من العمال والفلاحين بمجلس النواب.. وجعل هذه النسبة قاصرة على المجالس المحلية.. مع تخصيص كوتة للمرأة والشباب بهذه المجالس..
المواد 18 و 19 و 21 و 23.. تحديد نسب مئوية للإنفاق الحكومى من الدخل القومى كحد أدنى فى مجالات الصحة والتعليم والتعليم الجامعى والبحث العلمى..
مادة 27.. نصت على الالتزام بحد أدنى وأقصى للأجور..
مادة 38.. نصت على موضوع الضرائب التصاعدية..
مادة 58.. عند تفتيش المنازل يجب اطلاع أصحاب المنزل على الأمر الصادر بالتفتيش..
مادة 74 و75.. عدم منع قيام الجمعيات على أساس دينى كنتيجة لمنع قيام الأحزاب السياسية على هذا الأساس..
مادة 88.. تلافى العيب الدستورى فى استحالة الإشراف القضائى على الانتخابات فى جميع دول الخارج المتواجد بها مصريون..
مادة 157.. تقييد دعوة رئيس الجمهورية للناخبين للاستفتاء على المسائل التى تتصل بمصالح الدولة العليا.. بألا تكون هذه المسائل مخالفة لأحكام الدستور..
مادة 161.. نصت على إمكانية أن يسحب مجلس النواب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بأغلبية الثلثين وباستفتاء شعبى..
مادة 173.. نصت على عدم منح رئيس الوزراء والوزراء أية حصانة فى حالة ارتكابهم جرائم أثناء وبسبب وظائفهم.. فيما عدا جريمة الخيانة العظمى..
مادة 179.. فتح المجال للقانون للاختيار بين تعيين أو انتخاب المحافظين ورؤساء الوحدات الإدارية المحلية..
تقييم القاضي "أحمد أبو شوشة" للدستور من هنا
مقارنة بينه وبين دستور 2012 من هنا