Responsive Ads Here

السبت، 21 مايو 2011

ثورة يوليو المصرية دعوة للتحرر


بقلم: د. وائل إبراهيم الدسوقي .. 

كانت مصر - وما زالت - حلقة من حلقات الصراع الدولي في العصور المختلفة، وفى العصر الحديث اعتبرها الغرب حلقة الوصل بين الشرق والغرب، وأضحت جزءاً من المخططات الاستعمارية للدول الأوربية، فحاولت فرنسا غزو مصر، فيما عرف بالحملة الفرنسية، وحاولت إنجلترا غزوها في حملتها التي عرفت بحملة فريزر، حتى جاء "محمد علي"، الذي كانت له سياسته الخاصة مع الدول الأوربية.
وجه "محمد علي" اهتمامه إلى تشكيل جيش قوي يضاهي جيوش أوروبا، فأنشأ المدرسة الحربية في أسوان، واستقدم خبراء عسكريين من أوروبا للتدريب فيها، كما أنشأ إدارة للحرب ومجلساً للحرب، وأصبح في حاجة إلى رجال أكفاء ومتعلمين لإدارة شئون البلاد فأرسل البعثات لأوروبا لتكوين خبرات وكوادر فنية. ولكن حظ "محمد على" العاثر جعل الدول الغربية تتكاتف عليه وتنجح في تقليص الجيش المصري في سنة 1841. وما أن وافته المنية في سنة 1849 حتى كانت معظم إصلاحاته قد آلت للفشل.
وبدأت بريطانيا في تنفيذ مخطط كبير للسيطرة على الأمور في مصر ينتهي بالاحتلال العسكري، وقد لجأت إلى تنفيذ مخططها إلى الخداع حيناً، والتصريح بتلك الرغبة حيناً أخرى. وفي النهاية نجحت في ذلك بعد مقاومة عنيفة من الجيش المصري بقيادة "أحمد عرابي". وبعد الاحتلال كان زعماء الشعب المصري يطالبون بالاستقلال، وكان ممن علت أصواتهم للمطالبة باستعادة الحق المصري في الاستقلال الزعيم "مصطفى كامل".
وفي أوربا وحد "بسمارك" ألمانيا وهزم فرنسا في سنة 1871، وخوفاً من الانتقام الفرنسي، بدأ في تكوين شبكة من الأحلاف مع النمسا وروسيا وإيطاليا لمحاصرة فرنسا سياسياً، وبدأ العالم يعرف لعبة الأحلاف وسباقات التسلح، وبعد سنوات قليلة تغيرت المقاعد في اللعبة فتحالف الروس مع الفرنسيين، فأصبح على الألمان أن يقوموا بوضع إستراتيجية تتماشى مع هذا الوضع الجديد (وكانت خطة "شليفن")، وبعد الهزيمة الروسية على يد اليابان في 1905 تحول اهتمام روسيا لمنطقة البلقان. وأصبح الملعب مفتوحاً أمام القوى الغربية في المنطقة العربية، وبدأت سلسلة من التدخلات العسكرية انتهت باحتلال العديد من البلدان العربية.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وُلِدت عصبة الأمم بعد أن اجتمع قادة الحلفاء بمبادرة من الرئيس الأمريكي ويلسون في سنة 1919، وأعلنوا عن إنشاء عصبة الأمم بهدف تجنيب العالم ويلات الحروب. وهكذا، ظهرت عصبة الأمم للوجود في سنة 1920، وظهرت معها فكرة الانتداب كأحد بنود ميثاقها، ويخول ذلك البند للدول الكبرى "مساعدة" الدول النامية "التي لا تستطيع مواجهة الظروف المعقدة للعالم الجديد، كمهمة حضارية مقدسة" (!!). ومع إعلان الرئيس "ويلسون" لمبادئ الحرية، أمل المصريون خيراً في التخلص من الاستعمار البريطاني، ولكن لم تتمخض هذه المبادئ عن أي واقع عملي بالنسبة لمصر، فكانت ثورة 1919، ونتج عنها أن اعترفت بريطانيا بأن مصر دولة ذات سيادة في 1922، ورغم ذلك، فإن الواقع الفعلي للممارسات البريطانية فيما بعد قد أثبت أن الإنجليز لم يأخذوا مسألة السيادة المصرية بجدية ودأبوا على التدخل السافر في شئون الحكم، ومع قيام الثورة المصرية في سنة 1952 أصرت مصر على إجلاء الإنجليز عن مصر، وذلك ما تم بالفعل في 13 يونيو 1956 نتيجة لمعاهدة الجلاء التي وقعت في 19 أكتوبر 1954. وبعد نجاح ثورة يوليو في طرد الجيش البريطاني من مصر، بدأت الثورة وعلى نطاق واسع في دعم حركات التحرر في شتى بلدان العالم لتتخلص بدورها من الاستعمار. ولعله أمر مثير للدهشة أن تقوم مصر بتأييد حركات تحرر في أراضٍ تبعد عن مصر بآلاف الأميال، وتعريض نفسها للانتقام من القوى الغربية التي أضرت بمصالحها وحطمت إمبراطورياتها.
آمنت ثورة يوليو المصرية بأن الدول التي تتحرر عليها مسئولية تاريخية أخلاقية لدعم الدول الأقل حظاً، كما أن انتماء قادة الثورة لعقيدة تحرر الإنسان في أي مكان جعلتهم يتخطون الحدود المحلية والإقليمية لمساندة دعاة التحرر أينما قاموا.
وخلال فترة الخمسينيات والستينيات، أخذت المساندة المصرية لحركات التحرر صوراً عديدة، فقامت مصر بتقديم مساعدات عسكرية سواء بالتدريب للأفراد أم الإمداد بالسلاح، ومساعدات اقتصادية في شكل منح وقروض ودعم دبلوماسي عن طريق استقبال حركات التحرر الأفريقية وإنشاء مكاتب سياسية لها في القاهرة، ولم يقتصر دور مصر على دعم حركات التحرر من الاستعمار في دول مثل الكونغو والصومال وكينيا، بل امتد لمناصرة شعوب جنوب القارة التي تكافح التمييز العنصري. وهكذا ساند جمال عبد الناصر الحركات التحررية الثورية أينما كانت في أفريقيا وآسيا ولم يبخل عليها بالمال أو السلاح، وسعى للتقارب بين الدول الثورية الأفريقية والأسيوية، وعملت الدبلوماسية المصرية على جمع كلمة الدول الأفريقية والأسيوية ودول عدم الانحياز في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية الفنية التابعة لها، وأسهم عبد الناصر في إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية وظل يساندها واحتضنها في السنوات الأولى من قيامها، كما شارك في تأسيس حركة عدم الانحياز واستخدم الثقل السياسي لتلك التجمعات في دعم حركات التحرر على الصعيد العالمي.

مصر وتحرير القارة السوداء:
من الناحية العملية، اكتسبت مصر زعامة عالمية على المستوى الأفريقي نتيجة لدورها في مساندة كفاح تلك الدول. وبدأ تأييد مصر لحركات التحرر الإفريقية بعد الثورة بفترة قصيرة، فعلى الصعيد العربي بدأت إذاعة صوت العرب في القيام بتأييد العناصر الوطنية في دول الشمال الأفريقي، وعندما قامت السلطات الفرنسية بإلقاء القبض على الملك "محمد الخامس" في أغسطس 1953 ونفيه إلى جزيرة كورسيكا، كثفت مصر من تأييدها للنضال الشعبي في المغرب وبقية الشمال الإفريقي. ثم عقد اجتماع تمهيدي يضم كافة قيادات الأحزاب بشمال إفريقيا عن طريق الجامعة العربية لدراسة أسلوب توحيد الجهود السياسية، وتم تشكيل لجنة تحرير المغرب العربي، وإزاء ذلك اتخذ الرئيس عبد الناصر قراره بدعم حركة النضال المسلح في الجزائر وتم إخبار "بن بيلا" بذلك على أن يتصل بقيادة المناضلين المغاربة.
إن مصر جزء لا يتجزأ من القارة السوداء، وعليها أن تقوم بدورها التاريخي في دعم النضال الأفريقي، وكما قال عبد الناصر مؤكداً هذه الفكرة: "إننا لن نستطيع بحال من الأحوال أن نقف بمعزل عن الصراع الدامي المخيف الذي يدور اليوم في أعماق إفريقيا بين خمسة ملايين من البيض، ومائتي مليون من الأفريقيين، لا نستطيع لسبب هام وبديهي هو أننا في إفريقيا ولسوف تظل شعوب القارة تتطلع إلينا، نحن الذين نحرس الباب الشمالي للقارة، والذين نعتبر صلتها بالعالم الخارجي كله". ومن خلال هذا الشعور كانت أول الخطوات الإيجابية التي اتخذت أن اعترفت مصر للشعب السوداني الشقيق بحق تقرير المصير في اتفاقية 1953.
وفي مؤتمر باندونج عام 1955 نادت مصر بأن تصبح حركة التحرر الوطني في أفريقيا هي أهم قضايا الثورة العالمية، وأسفر المؤتمر عن قرار هام يرسم سياسة عدم الانحياز تجاه الدول التي تسعى نحو الاستقلال، وهو تأكيد وجوب تصفية الاستعمار. وتوالت الاجتماعات، والمؤتمرات والاتصالات بين الزعماء الذين شاركوا في باندونج وبريوني لدعم حركات التحرر. وجاء الانتقام الغربي من مصر متمثلاً في عدوان 1956 الثلاثي، ولكن الانتصار الأسطوري لمصر في تلك المعركة كان بمثابة التحدي لأكبر إمبراطوريتين استعماريتين، واستطاعت مصر الخروج من المعركة ليست منتصرة فحسب، بل وكان ذلك الانتصار بمثابة شهادة وفاة للإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية وللعصر الاستعماري كله، وإيذاناً بانطلاق حركات التحرر في العالم أجمع.
ثم جاء مؤتمر أكرا كأول مؤتمر أفريقي في سنة 1958 حضرته الدول المستقلة آنذاك، وخلاله اجتمع عبد الناصر مع قادة تلك الدول الإفريقية، وأكد على أهمية وجود شخصية إفريقية تنتهج سياسة خارجية واحدة. وبدأ عبد الناصر في الاتصال بقادة وشعوب الحكومات في إفريقيا الذين يشتركون مع مصر في توجههم التحرري، فاجتمعوا في "الدار البيضاء" وصدر ميثاق الدار البيضاء الذي كان بمثابة إنذار للدول الاستعمارية بأن ناصر والقادة الأفارقة المجتمعين قد قرروا العمل من أجل تحرير بلادهم.
وكانت مصر تعلم أن الاستقلال الإفريقي لن يحدث بين يوم وليلة، واستمر التزام مصر بمكافحة الاستعمار في كل مكان. وهكذا، كان على الشعوب التي تحررت، والتي استطاعت أن تتخلص من السيطرة الأجنبية والاستعمار، مسئولية كبرى تجاه الشعوب التي تكافح والشعوب التي تئن من الاستعمار وتطالب بحريتها واستقلالها. ولذلك، حاولت الدول المستعمرة أن تحتوي حركات التحرر بتقديم بعض التنازلات، ولكن تنبهت مصر إلى تلك المناورات السياسية، التي استهدفت مهادنة الشعور الوطني ومنح استقلال صوري للشعوب الإفريقية لصرفهم عن طلب استقلال حقيقي. واستجابت العديد من الدول الأفريقية التي أدركت خبايا الموقف الاستعماري وعزمت على التخلص منه، وأطلق المصريون عليها "دول إفريقيا الثائرة"، ومن بينها غانا وغينيا ومالي والمغرب والجزائر. وأظهرت مشكلة الكونجو فشل سياسة مهادنة الاستعمار، فدعا عبد الناصر إلى القضاء على كل الجذور الاستعمارية، وعقد مؤتمر أديس أبابا سنة 1963 وتقرر فيه إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، وتحددت مهمتها بالعمل على تشجيع الوحدة الإفريقية والتضامن الأفريقي. وعُقد مؤتمر قمة آخر في القاهرة لرؤساء الدول الإفريقية وتحددت أهدافه في تصفية آخر ما تبقى للاستعمار في بعض الدول الإفريقية.
قامت مصر بدور الوساطة في تسوية كثير من المنازعات بين بعض الدول الأفريقية، فتوسطت في النزاع بين أثيوبيا والصومال، وفي النزاع بين كينيا والصومال وفي النزاع بين غانا وغينيا، وفي نهاية الستينيات من القرن العشرين قامت مصر بالوساطة بين السودان وأثيوبيا. وكان من نتيجة الدعم المصري لحركات التحرر الإفريقية بعض الإيجابيات لخصها البعض في ثلاثة نقاط هي، أولاً: المساندة الأفريقية المستمرة للحق العربي في المحافل الدولية، وثانياً: الحد من التسلل الإسرائيلي في القارة، وأخيراً: حماية حدود مصر الجنوبية ومنابع النيل.
ولقد شهدت الفترة التي تلت مؤتمر باندونج في سنة 1955 ثم فشل العدوان الثلاثي في أواخر 1956 استقلال عدد كبير من الدول الأفريقية. ورأت حكومة الثورة أن تبدأ بالسودان، فتقدمت بمذكرة للحكومة البريطانية من أجل تمكين السودانيين من ممارسة الحكم الذاتي الكامل، وتصفية الإدارة الثنائية (بفترة انتقالية)، مع إجراء استفتاء حتى يقرر الشعب السوداني مصير بلاده وهل ترتبط بمصر أم تحصل على الاستقلال التام. وفي 31 ديسمبر 1955 أقر البرلمان السوداني الدستور السوداني الجديد، وأصبح نافذاً من يناير 1956. وفي 1957 استقلت غانا وفي 1960 استقلت نيجيريا، واستقلت تونس والمغرب عام 1956، وانفصلت غينيا عن الاتحاد الفرنسي عام 1958، ثم السنغال عام 1960.
وعلى صعيد دول إفريقيا العربية فقد دعمت مصر استقلال ليبيا وتونس والمغرب، وتحررت أراضى ليبيا وتونس من القواعد العسكرية. وعندما ثارت مشاكل الحدود بين الجزائر والمغرب أرسلت مصر خطاباً للملك الحسن الثاني يطالبه بتغليب صوت العقل. وبالنسبة لتونس، فقد قامت الثورة بدعم الكفاح التونسي إعلامياً عن طريق الإذاعة والصحافة المصرية، كما قامت بتدريب 200 مناضل بمعسكرات الحرس الوطني وإعدادهم للنضال المسلح، وترحيلهم لطرابلس ليتم تزويدهم بالسلاح ثم عودتهم لتونس.
أما الجزائر، فقد اعترفت مصر بحكومتها الوطنية المؤقتة برئاسة "عباس فرحات" رئيساً للوزراء – و"بن بيلا" نائباً لرئيس الوزراء. وفتحت أبوابها للمناضلين. ولهذا السبب أيضاً اشتركت فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر في سنة 1956 بعد أن جاء "كريستيان بينو" وزير خارجية فرنسا إلى القاهرة ليقنع عبد الناصر بالتوقف عن تأييد الثورة الجزائرية مقابل مساعدة فرنسا للعرب في سياستهم، وكان رد عبد الناصر قاطعاً: "أن تتخلى مصر عن الجزائريين يعني أن أتخلى عن قوميتي العربية"، وغادر "بينو" مصر وقد علم أن التخلص من "عبد الناصر" يساوي عنده الحفاظ على الجزائر كمستعمرة فرنسية. ولم تقتصر المساعدات المصرية للجزائر على الأسلحة فقط، فتم إمداد "أحمد بن بيلا" بالأموال لتوفير أكبر كمية من السلاح، وطالبت مصر بدعم الكفاح وتوسيع جبهة القتال دون النظر إلى التكاليف والأموال التي يحتاجها ثوار الجزائر، وقام عبد الناصر بتوضيح الموقف المصري المهادن ظاهرياً مع الحكومة الفرنسية، بهدف الحصول على صفقة الأسلحة الفرنسية التي سيكون للمجاهدين الجزائريين نصيب رئيسي منها. كذلك كان للجزائر نصيب من صفقة الأسلحة التشيكية.
وعلى الرغم من محاولات مصر لحل قضية الجزائر في المحافل الدولية سلمياً،إلا أن فرنسا ظلت متمسكة بأن الجزائر جزء من الأراضي الفرنسية، ورفضت عرض القضية على الأمم المتحدة، فدخلت الجزائر في حرب دامية تساندها مصر إلى أن اضطرت فرنسا للاعتراف باستقلالها في معاهدة إيفيان (مارس 1961). ومن المواقف الطريفة، أنه بعد استتباب الأمور لبن بيلا دعا الرئيس عبد الناصر لزيارة الجزائر، وقام فعلا بزيارتها في 4 مايو 1963 وأثناء استقبال الجماهير الحاشد له بالجزائر، لم تتمكن السيارة المكشوفة التي استقلاها من اختراق الحشود فأمر بن بيلا بإحضار سيارة إطفاء ليعتليها الرئيسان.

مصر ومساندة التحرر في آسيا:
حاربت مصر في معركة ضارية ضد الأحلاف العسكرية التي حاولت القوى الاستعمارية أن تفرض بها على المنطقة العربية سيطرتها، مثل حلف بغداد ومبدأ أيزنهاور. وفي الأردن وفي ديسمبر 1965 تم طرد الضباط الإنجليز من الجيش الأردني، وإلغاء المعاهدة البريطانية الأردنية والمعونة المالية التي كانت تستخدمها بريطانيا للتحكم في الأردن.
أما العراق، فقد دعمت مصر ثورتها (ثورة 14 يوليو) التي تفجرت لتسقط حلف بغداد، ووضعت مصر كل إمكانياتها لدعم هذه الثورة.
وفي اليمن، دعمت مصر الثورة اليمنية التي اندلعت في 26 سبتمبر 1962، وتسبب دعمها لتلك الثورة في العديد من المواجهات مع المملكة السعودية والولايات المتحدة، ولكن ذلك الدعم ساعد الشعب العربي اليمني على أن يعبر من عصر التخلف والجهل والظلام إلى عصر النور والحضارة، ومن اليمن مدت مصر الدعم إلى اليمن الجنوبية، حيث كانت قاعدة عدن أول قاعدة استعمارية بريطانية في الوطن العربي، إلى أن تم طرد الاستعمار البريطاني وقامت جمهورية اليمن الجنوبية.
وبعد الثورة المصرية قفزت قضية فلسطين لتحتل مكاناً أساسياً في قائمة أهداف الثورة. وقامت منظمة التحرير الفلسطينية بدعم من مصر التي استمرت في تأييدها رغم أن هزيمة 1967 قد أضرت بالموقف التفاوضي الاستراتيجي للعرب والفلسطينيين. وبعد هزيمة 1967 لم تنس مصر أن فلسطين هي أصل قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وأعلن أن مصر تسعى لتحرير جميع الأراضي العربية المحتلة.
وبالنسبة لمساندة حركات التحرر في الدول الغير عربية، فقد اتفق الرؤساء عبد الناصر، ونهرو، وسوكارنو على فكرة التضامن بين المناضلين من أجل الحرية وكان اتفاقهم هذا إعلاناً عن تضامن آسيا وأفريقيا في مواجهة المؤامرات ضد استقلال هذه الدول وتأكيداً لوجوب تصفية الاستعمار.
وهكذا، أيدت مصر كفاح شعب فيتنام الجنوبية، واعترفت بالحكومة الثورية لفيتنام الجنوبية، وساندت قضية فيتنام الشمالية ضد العدوان الأمريكي عليها، واعترفت بحكومة "سيهانوك" الشرعية في كمبوديا عندما أسقطته المخابرات الأمريكية.
وهكذا، حطمت مصر أسوار العزلة التي حاول الغرب إقامتها بين أفريقيا وآسيا، وساندت قضايا الحرية وعدم الانحياز في العالم الأفرو آسيوي. ولعل الدور النشط الذي قامت به مصر في مساندة قضايا التحرر، كان وراء المؤامرات العديدة التي حاكتها الدول الكبرى لإضعاف مصر والعالم العربي، مثل مؤامرة العدوان الثلاثي في 1956 والعدوان المسلح على مصر والبلاد العربية في سنة 1967.